شاهد أيضاً

الأحد، 29 مايو 2016

سيدة المنيا الحلقة الرابعة في مسلسل سحل وتعرية النساء





sa3dya“أنا مسامحاهم والله يسامحهم”.. هكذا كانت آخر جملة تفوهت بها السيدة الصعيدية سعاد ثابت في أول حوار مرئي لها بعد حادثة الاعتداء عليها. قالت هذه الكلمات بصوت مذبوح بالحزن والألم، وكأنها تغالب دموعها من الانهمار كفيضان النيل على وجهها الذي تعتصره ملامح الانكسار والهزيمة.. وإذا لم يرَ المصريون فيديو عن واقعة الاعتداء سيدة قرية الكرم وتجريدها من ملابسها؛ بدعوى أن ابنها على علاقة بزوجة صديقه المسلم، فبكل تأكيد وصلهم ما حدث في هذه السيدة خلال هذه الكلمات والملامح الحزينة؛ ليشعروا بمواجع هذه السيدة المكتومة، وكأنها أجبرت علي الصمت؛ لتبقي حائرًا في نهاية الفيديو، متسائلًا: هل هي سامحتهم حقًّا؟
بكل تأكيد حادثة سيدة المنيا لم تكن الأولى من نوعها في إطار استغلال أجساد النساء في حوادث العنف الطائفي، ولكن تتمتع مصر بتاريخ طويل من تعرية نسائها بكل اسف، رغم ما يوازي ذلك من تصريحات وردية عن احترام المرأة المصرية وإجلال الأديان السماوية لها.
ثلاث مرات تتعرى فيها المرأة المصرية قبل حادثة السيدة سعاد بوحشية، ولم تختلف سنوات ما قبل الثورة عما بعدها، فالنساء كن الحلقة الأضعف في الاعتداء عليهن.
الحادثة الأولى: نوال علي.. الحاضرة الغائبة
يوم الأربعاء الأسود 25 مايو 2005 وعلى سلالم نقابة الصحفيين، كانت الصحفية نوال علي في موعد مع القدر بالاعتداء الجنسي والتعرية. ونتذكر ما قالته نوال في شهادتها “كانت أيديهم تعبث بصدري، ويتحرشون بكل المناطق الحساسة من جسدي. مزقوا ملابسي، واعتدوا عليَّ بأيديهم.. وقعت بوجهي على الأرض، وفوجئت بعدد كبير من هؤلاء البلطجية فوقي، يتحرشون بي مرة ثانية، ويعبثون بكل مناطقي الحساسة.. بدأت في الصراخ طالبةً النجدة، وظللت أصرخ إلى أن فقدت الوعي”.. 11 عامًا مضت على تلك الشهادة التي قالتها الصحفية الراحلة نوال علي، لم يحاكم خلالها أحد، ولم تتوقف الأيدي عن العبث بأجساد المصريات.
الحادثة الثانية: ست البنات.. “وإيه اللي وداها هناك؟”
في عهد المجلس العسكري، ويوم 16 ديسمبر 2011، وقعت أحداث مجلس الوزراء، حيث دارت اشتباكات بين قوات الجيش من جهة والمعتصمين أمام مبنى مجلس الوزراء المطالبين برفض حكومة الدكتور كمال الجنزوري، الذي تم تكليفه بتشكيلها عقب إقالة وزارة الدكتور عصام شرف، بعد أحداث محمد محمود. وهي المعركة التي شهدت تحالف المجلس العسكري الحاكم وقتها والإخوان في مواجهة المتظاهرين، وصل لحد اتهام ست البنات بعد الاعتداء عليها وتعريتها في الميدان والاعتداء على المتظاهرين الذين خرجوا للمطالبة بنقل السلطة للبرلمان.
الحادثة الثالثة: تحرش في الميدان
كان يوم 6 يونيو ذكرى الاحتفال بتنصيب السيسي رئيسًا للجمهورية، حيث شهد ميدان التحرير حادثة الاغتصاب الجماعي لسيدة أربعينية التقطتها عيون الكاميرا، بعد أن تم تجريدها من ملابسها من قبل المعتدين، نقلت على أثرها للمستشفى؛ ليزورها الرئيس معتذرًا لها في الأيام التالية.
فتحي فريد: تعرية سيدة المنيا جريمة لا تسقط بالتقادم.. والدولة خصم وليس حكمًا
من جانبه قال فتحي فريد، مدير مؤسسة مساواة للتنمية والدراسات (تحت التأسيس)، إن استخدام أجساد النساء في حوادث العنف الطائفي ليس جديدًا بهذه الواقعة التي تعرضت لها سيدة قرية الكرم بالمنيا، بل إن هذه الحوادث تمر على أجساد النساء منذ أحداث الزاوية الحمراء في السبعينيات، مرورًا بأحداث الكشح ونجع حمادي، حتي الآن. ولكن الحادثة الأخيرة تعكس مؤشرات كارثية وجديدة.
لافتًا إلى أن المعتدين علي سيدة المنيا لا ينتمون إلى تنظيم سياسي أو جماعة متطرفة دينيًّا، ولكننا أمام مجموعة مواطنين عاديين غير متدينين، علاقتهم بالدين ترتبط بهويتهم في البطاقة فقط، قرروا أخذ حقهم بأيديهم من هذه السيدة المسنة، وهذا يعكس أن الحديث من اليوم عن تجديد الخطاب الديني هو هراء، ومن تحدثوا عن التجديد هم وراء القضبان الآن.
وأشار إلى أن ما تعرضت له السيدة سعاد يندرج تحت تعريف الإرهاب الجنسي الذي عرفته الأمم المتحدة مؤخرًا، واعتبرته جريمة لا تسقط بالتقادم، والدولة ليست حكمًا في هذه القضية، بل خصمًا يجب محاسبته ومساءلته فيما تتعرض له النساء من انتهاك جنسي صريح، معربًا عن أننا ليس لدينا قانون يوصف هذه الجريمة، وبالتالي ستكون العقوبات هزيلة، وسيتم تكييفها قانونيًّا في إطار نزاعات واعتداء وحرق منازل، دون التعرض لنقطة مهمة، وهي الإرهاب الجنسي.
ويضيف فريد أن الزاوية الأكثر خطورة في هذه الحادثة هي تواطؤ بل تورط أجهزة الدولة الأمنية والتنفيذية، سواء مدير الأمن، أو المحافظ مع هذه الأحداث، رغم علمها بأن المنيا على بؤرة أحداث عنف طائفي، وأن أقباط المنيا يتعرضون للعنف والتمييز والاضطهاد الديني، إلا أن الدولة تريد أن يبقى المشهد كما هو دون حل؛ لخدمة مصالح معينة في وقت ما.
أما عن دعوات التصالح والجلسات العرفية التي تدفع بها الدولة لحل أزمة قرية الكرم بالمنيا، يقول فريد: لو انتهت هذه الأزمة دون محاسبة المعتدين وإنفاذ القانون بصرامة وإعادة حق هذه السيدة المسنة قضائيًّا، فنحن أمام دولة تحمي هذه الجرائم.
النائبة ابتسام أبو رحاب: الحادثة فتنة مفتعلة وجزء من المؤامرة على مصر
أكدت المهندسة ابتسام أبو رحاب، عضو مجلس النواب، أن الحادثة تتنافى مع أخلاقيات المجتمع المصري وكل الأديان السماوية، وأنها ليست حادثة عنف طائفي، بل حادثة منحرفة يتعرض لها أي مواطن أيًّا كان دينه، مشددًا على أن مصلحة الوطن لا تحتمل أن نلقي جمرة نار تبرز الحادثة وكأنها فتنة طائفية أو عنف طائفي، وعلى الجميع أن يرقى لمستوى الحدث، ولا يشعل النيران.
وبسؤالها عن أن سبب الحادثة وثيق الصلة بإشاعة تتعلق برجل مسيحي وامرأة مسلمة، قالت إن ذلك يؤكد أن الواقعة هي بمثابة فتنة مفتعلة، تأتي ضمن المشكلات التي تواجه مصر من سقوط الطائرة الروسية وأزمة الدولار، وهي واقعة مخطط لها من أجل ضرب الأمن القومي المصري وتفتيت الجبهة الداخلية.
وعن تقصير الأمن في حماية الأسرة المسيحية رغم البلاغات المسبقة التي تقدمت بها، قالت “إن هذه الزاوية تشير إلي تساؤلات غير مريحة: ما الذي جعل الأسرة تستبق الأحداث وتقوم بالإبلاغ، إلا إذا كانت هذه الواقعة مدبرة من قبل؟ ثم إن الأمن مهامه جسيمة يحمي مين ولا مين؟”.
واختتمت كلامها بأن الأمن عليه أن يعاقب من يشعلون الفتن، ويقومون بتجنيد ضعاف النفوس؛ من أجل حوادث مفتعلة، تستهدف كسر استقرار الوطن وتلاحم المجتمعن في ظل الحرب الشرسة التي تخوضها مصر علي الإرهاب داخليًّا والمؤامرات الخارجية.
عزة كامل: تطبيق القانون على شباب “تيران وصنافير” والتصالح مع متهمي سيدة المنيا
الاعتداء علي سيدة المنيا جريمة ضد الانسانية، والاعتداء على مواطنين أبرياء وحرق منازلهم إرهاب واضح وتطرف، وليس عنفًا طائفيًّا فقط، ونحن أمام جريمة، إما تثبت فيها الدولة أنها قادرة على تنفيذ القانون واحترام الدستور وتطبيقه، أو اللجوء للصلح العرفي والقبلات والعناق بين شيوخ الأزهر والكنيسة؛ لنترحم وقتها جميعًا على دولة المواطنة وسيادة القانون”.. هكذا وصفت الدكتورة عزة كامل، مدير مركز وسائل الاتصال الملائمة من أجل التنمية “أكت”، أحداث قرية الكرم بالمنيا.
وأضافت أن السيدات، منذ حادثة كاميليا، دائمًا مستغلات في حوادث العنف الطائفي، وهنا تضاعف العنف على السيدة سعاد؛ لكونها امرأة ومسيحية وفقيرة، ومن ثم يتم اللعب على وتر شرف البنات؛ حتى يتم تمرير مثل هذه الجرائم. ونظرًا لأن القانون به صبغة ذكورية، يتم التعامل مع هذه الحوادث أيضًا بذكورية، (على حد قولها)، وتصبح الدولة متواطئة في حماية هؤلاء المعتدين عندما تغيب عن ملاحقتهم ومعاقبتهم.
وتساءلت كامل: أين حرص الدولة الآن علي تطبيق القانون في حاثة المنيا، كما كانت متحمسة في الحكم بالسجن على شباب نزل ضد بيع الأرض وهتف بتيران وصنافير مصرية، وأوقعت أقصى العقوبات عليه، في الوقت الذي نرى تخاذل الدولة الآن ومحاولتها اللجوء إلى جلسات عرفية ودية؟ مؤكدة أن الدول لا تستقيم أحوالها بالازدواجية في تطبيق القانون.
وطالبت بإقالة مدير أمن المنيا والمحافظ، اللذين تركا أهل القرية دون حماية، رغم لجوء عائلة السيدة سعاد إلي المركز قبل الحادثة؛ للإبلاغ وطلب المساعدة؛ حتى تتحمل الدولة مسؤوليتها بشكل واضح في هذه الأزمة، وأخيرًا استمرار فضح المنظمات النسوية لهذه الانتهاكات، ومطالبة مجلس النواب بالإسراع لسن تشريع قانون مكافحة كافة وجرائم العنف ضد المرأة؛ ليحمي النساء من المتاجرة بأجسادهن وانتهاكها في مثل هذه الحوادث.

إرسال تعليق

 
جميع الحقوق محفوظة © 2014 الداتا اليوم ||تطوير ELKEMA ||تصميم ELKEMA